2021/01/02 | 0 | 6555
من كتاب ( حكاية الينابيع ) حكاية المهندس عبد الله بن عبد المحسن الشايب
إلحاقا لما سبق من هذه السلسلة التوثيقية ستكون وقفتنا هذه المرة مع رمز من رموز العمل الاجتماعي و الثقافي و الأدبي في المنطقة وحارس و معلم للشيم العربية الصميمة وهو الأديب و الشاعر المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب ، عاشق الأحساء الكبير و سادن تراثها وأيقونة الهيام و السهر و التفاني و البذل لإبراز مفاتنها والتباهي بمحاسنها التي لا تتثاءب ولا تشيخ .
والمهندس عبدالله لمن لا يعرف تفاصيل سيرته هو عبدالله بن عبدالمحسن بن علي الشايب ، ولد ببلدة الجبيل بالأحساء عام 1376هـ ، حاصل على بكالوريوس هندسة معمارية و ماجستير تخطيط مدن وأقاليم من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، مؤسس منتدى ( مشهد الفكر الأحسائي ) و مدير ( جمعية حفظ التراث فرع الأحساء ) و مدير ( مركز النخلة للصناعات الحرفية ) و ( سفير النوايا الحسنة للمنظمة الدولية للعدالة و السلام ) وعضو اللجنة الإستشارية ( بمنتدى الينابيع الهجرية ) إلى جانب عضويته في كثير من المؤسسات والمنتديات ، له مجموعة من الإصدارات الشعرية والأدبية و الثقافية والتراثية .
وفي سياق اهتمامه بكل ما يمت لتفوق الأحساء و تجلياتها الكبرى ، كان يتابع و يدعم و يشجع ويشارك في لقاءات و فعاليات المنتدى بكل مثابرة وإخلاص حتى أصبح عضوا في اللجنة الاستشارية للمنتدى وأصبحنا نعتمد كثيرا على حرصه وعلى إصراره على نجاح المنتدى و تحقيق أهدافه .
وتبعا لذلك أصر أن تكون له بصمة مميزة و توقيع خاص على صفحات هذا الكتاب تعكس صدق نواياه و تؤكد علاقته الوثيقة بالمنتدى و متابعته الدقيقة لكل فعالياته ، وكأن المهندس عَلِم بحيرتي في اختيار الكلمات المناسبة لتوديعكم ، قبل أن نصل إلى فهرس هذه الفصول المهمة من محبتكم ورفقتكم السعيدة، فأسعفني بهذه السطور المفعمة بوفائه ومودته فرأيت أن أجعلها مسك ختام هذا الكتاب.
يقول المهندس عبد الله:
(عندما يكون الحديث عن المجتمعات وتتبع أخبارها وميولاتها، آرائها، معتقداتها، نشاطها، قيمها، إسهامها الحضاري، قدراتها على استيعاب المتغير، صمودها وصبرها على ظروف معاشها، ووجدانياتها، أحاسيسها، سلوكها وفنونها وأدائها العملي وانتمائها للأرض، وقدرتها على نقل معارفها إلى أماكن أخرى عبر الهجرة، إثبات وجودها الحضاري بإبداعاتها ومنهاجيتها في السلم، وقبول الآخر والتعايش، والاعتزاز بالموروث، واستيعاب الحاضر، واستشـراف المستقبل، وكرم الحضور والإخلاص، سيكون الحديث عن المجتمع الأحسائي وبلا أدنى شك.
كل ذلك وأكثر من السجايا والطباع تنساب نهرًا من الإيجابيات كـ(ثبر الخَدود) بين أهل الأحساء، لاستيعاب الحاضر بكل تفاصيله وتشظياته وامتداداته، أضف إلى ذلك التعالق والتماهي بين الإنسان الأحسائي وبيئته الذي أذهل (اليونسكو)، أرفع مؤسسة ثقافية في العالم لتعترف بالأحساء مشهدًا حضاريًا وثقافيًا متجدِّدًا.
ومع كل ما استوعبه أهل الأحساء من تباينات، تبقى الهفوف والمبرز وباقي مدن الأحساء حواضرًا لمشهد اجتماعي ومعرفي وفكري وثقافي مميز، فالوعي المبكر في نهضة وطننا المملكة العربية السعودية مسلك واضح لدى الأحسائيين يتجاوز الجانب المادي، لأن بناء الإنسان أولوية في وجدان الوعي الأحسائي.
ونحن هنا لنتحدث فقط عن لقطة واحدة من تلك الصورة الإيجابية المشـرقة المتكاملة، وهي صورة شاب تفجّرت قريحته في فن الشعر وأخذ يتعاطاه مع بعض أقرانه عطفًا على سياق تاريخي أحسائي حافل، بدأ بطرفة بن العبد صاحب المعلقة الشهيرة، ولم ينته بابن المقرَّب وابن فايز والشيخ عبد الكريم الممتن والشيخ كاظم الصحاف وحمد المغلوث وغيرهم.
هذا الشاب استوعب أثر كيانات التعاون المثمر، فانطلق متماشيًا مع مفهوم المرحلة المدنية من وجوب وجود لقاء منتظم بين تلك الكوكبة من الشعراء الشباب ليشكّل نواة مؤسسة في ظاهرة المجتمع المدني، وبمرور الأيام وتراكم المعرفة والوعي ينهض نحو هدفه شيئا فشيئا لتتعدد الرؤى والقناعات لتصبح تلك المؤسسة كونًا من الينابيع، متعددة الألوان والمذاقات، ولتأخذ تلك الينابيع من عبق الأرض الحضاري ودلالاتها التاريخية والبيئية روعتها وصلابتها لتتبلور في قالب بهي ساطع اسمه (منتدى الينابيع الهَجَرية).
وقد كان وما يزال مؤسس هذا المنتدى وفارسه الشاعر اللوذعي الأستاذ ناجي بن داود الحرز أيقونة شعرية مبهرة، بكل تجلياتها الإبداعية فصيحة أو عامية، سواء انسكب أدبًا جادًّا أو أدبًا ساخرًا، متمكنًا من المفردة، ممسكًا بتلابيب اللغة، عالمـًا بأسرار البلاغة، مسيطرًا على فن الإمتاع والإدهاش، متفرّدًا بفنونٍ شعرية بزَّ بها وتفوّق على كل من حوله من الشعراء.
ولـ (منتدى الينابيع الهَجرية) صدى محبّب في وجدان الأحسائيين، بتراكم إيقاعاته المتواصلة لما يقرب من الأربعة عقود من الزمن، بين (بستان) المؤسِّس ومنصَّات الإنشاد المتنوعة في كل زوايا الأحساء، وانطلاقًا لكل محافل الإبداع في المملكة العربية السعودية من أقصاها إلى أقصاها، وإلى كل عواصم الأدب العربية بل والعالمية، لتصبح أغلب المراكز الأولى في كل المسابقات الشعرية عبر العالم العربي حكرًا على شعرائه، وليصبح كبار شعرائه مستشارين وحكامًا في المسابقات الشعرية المهمة عبر الوطن العربي، وليصبح أصغر شعرائه سنًّا أميرًا للشعر في مسابقة أبوظبي، وليصبح شابٌّ صغيرٌ آخر من شعرائه العربي الوحيد الذي تتوّجه إيطاليا مع مجموعة من رموز الشعر في العالم في أكبر مسابقة شعرية كونية نظّمتها بمناسبة يوم الشعر العالمي.
ولقد تشـرّفت بثقة الأستاذ ناجي بن داود الحرز مؤسس ورئيس المنتدى لأكون عضوًا في لجنته الاستشارية، وهو يتعشّم مني إسنادًا لهذا الحراك في تخصّصه المميز، بصفتي مهتما بالشأن الثقافي ومؤسسًا ومديرًا لمنتدى (مشهد الفكر الأحسائي)، سعيًا نحو التكامل ولما يتوخّاه مني من اهتمام بالشعر وبدعم الحركة الإبداعية في الأحساء.
والشاعر والأديب الأستاذ ناجي بن داود الحرز حكاية قائمة بذاتها، وما منتدى الينابيع إلا أحد مفاتيح شخصيته، استطاع من خلالها أن يؤلف بين قلوب جمع كبير من الشعراء تجاوز المئتين، ويجمع الكثير منهم في كل أسبوع في زمان ومكان واحد، لا يتعب من التنويه بهم والإشادة بإبداعاتهم أينما سنحت له الفرصة، سواء عبر المقالات في الصحف أو المجلات المتخصصة، أو عبر مؤلفات خاصة ككتابه: (شعراء قادمون من واحة الأحساء) الصادر عام 1429هـ ، أو (معجم شعراء منتدى الينابيع الهجرية ) الصادر عام 1434هـ.
ونعلم أن (منتدى الينابيع الهجرية) ليس المنتدى الأدبي الوحيد في الأحساء، ولكننا نعلم أيضًا أن معظم المنتديات الأدبية الأخرى تعتبر فروعًا وامتدادات له، يديرها شعراء تخـرّجوا منه، ويشـرف عليها هو بعلو همته وباهتمامه وعنايته التي لا تقف عند حد، وحرصه الدؤوب على إظهار المستوى المتألق للأدب الأحسائي، حتى تمَّ تكريم الأستاذ ناجي في مهرجان جواثا الأول لنادي الأحساء الأدبي بصفته مؤسسًا وراعيًا لأقدم منتدى أدبي منظم في المنطقة واستلم درع الاستحقاق من يد صاحب السمو أمير منطقة الأحساء بدر بن جلوي ورئيس النادي المهندس يوسف الجبر.
ولا شك أن أثر وتأثير (منتدى الينابيع الهجرية) وشعرائه يمتد ليشمل جوارنا الحضاري في المنطقة الشـرقية من المملكة، ثم إلى المملكة كلها، ودول الخليج بل وإلى العالم العربي بأسره، باعتراف كبار ورموز الشعر والأدب والثقافة، بصفته مدرسة شعرية يعتد بها لها مقوماتها ورموزها الملهمة، لتبقى الأحساء الجهة المشرقة التي لا تتثاءب.
الأحساء 14/5/1441هـ
المهندس عبد الله بن عبد المحسن الشايب
جديد الموقع
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».